من 28 نيسان 2019 الى الخامس من ايار، اسبوع اخر، تعمقت معرفتي بالجمهورية الاسلامية الايرانية، كان رائعا ان تشارك بمؤتمر لحوار النخب في العالم الاسلامي، والاكثر روعة ان تحتضنه مدينة العلم والعلماء قم المقدسة، ويضاعف من روعة واهمية المناسبة ان تحتك عن قرب وبالعمق بمحموعة من النخب، العراق الحبيب، لبنان توام الروح، سورية عمود السماء، وايران الثورة ملهمة الشعوب، والامل.
ان تتعرف الى قامات علمية معرفية، وان تشارك بجلسات الفكر والعصف الذهني تثميرا لعناوين في غاية الاهمية، لعمري هي فرصة تاريخية، لقاء محمود حيدر، محمد علي ميرزائي، طلال عتريسي، ومع اخرين، مع حفظ الالقاب، من سورية والعراق ولبنان وايران، لهو لقاء ينفتح على اثمن ما يمكن ادراكه، يضفي عليه المزيد من الاهمية تلك الجدية، وروح المسؤولية النابعة من الاعماق، بعيدا عن التكلف والمجاملات التي تاكل المضامين في كثير من الحالات المشابهة. ايران تجيد الترحيب والضيافة لكنها لا تحيد عن الغاية والهدف، تخدمه باحتراف، تاسر ضيوفها بكياستها وعميق اهتمامها، وما من حركة تعطل اصل المسار.
من لم يتعرف الى ايران من الداخل، من لم يتلمس روحها، ثباتها، اجتهادها، سيبقى على جهله بها.
من لم يسع لمعرفتها بهذا العمق، لن يتمكن من مسح النظرة المسبقة عنها، ولن يقبض على اسباب عداء اميركا والغرب وملحقاتهما لها.
لايران مشروع، نعم، هذا دقيق وصحيح، لكنه مشروع التحرر، مشروع النهضة والعلم، مشروع نبيل متفوق، يجمع ولا يفرق، يصلب ولا يرضى بالضعف.
اهم المهم الذي يمكنني ان احدث عنه - اطلاعنا على جزئية مما هي عليه ايران - مشروع النانو تكنولوجي، والمكانة المتقدمة التي حجزتها لنفسها تحت الشمس في هذا المجال الحيوي. فان تكون (واحد من اربعة ) تتقاسم مع العالم حصة علمية انتاجية، وان تكون الرقم واحد في علوم الخلايا الجذعية، وان تحتل مرتبة متقدمة بالانتاج العلمي، وان تتقدم على اوروبا مجتمعة بالبحث ونشر العناوين العلمية، وان تتفوق على اليابان والولايات المتحدة في غير ميدان علمي، وهي تحت الحصار ومحاولات العزل والحظر، ففي ذلك تعتمل كل الاسباب التي تحمل الغرب وقوى الاستكبار على مناصبة طهران العداء.
دعكم من الهراء الذي ينشغل به الاعراب وسواهم، اذ يمثل ذلك محاولة ايجاد حامل للعداء والعبث، وقاطرة للتعطيل والمشاغلة، واما الاسباب الرئيسة فهي تلك، الحقيقة في مكان اخر، تقدم ايران، ثباتها، اصالتها، ثقتها وانجازاتها العملاقة التي وصلت لها ذاتيا، العلوم التي تمتلكها، الثروات، الافاق المفتوحة على العلا بلا حدود، هي ما يدفع الاستكبار لاستهدافها مرة بعد مرة بذريعة ومن دون ذريعة.
العجز الذي يقيم فيه اليوم دونالد ترامب، وفي دائرته، هو العجز ذاته الذي جربه وخبره اسلافه، غير ان ما يميز ترامب عن سابقيه هو اختلاف الظروف، واستعداد طيف من التابعين ومجموعة الادوات الرخيصة للخيانة، وللذهاب بعيدا في الوهم.
لا تستهدف ايران لاي من الاسباب التي يروج لها، وهي عناوين كاذبة مفبركة لا اصل لها، بل تستهدف لانها صارت الرقم الصعب، الحالة الاستثنائية، القاطرة الفولاذية، القادرة على احداث تغيير اين منه ما احدثته منذ انتصار ثورتها المباركة، منذ طوت صفحة الشاه، وافتتحت صفحات الكرامة والعزة.
ايران ليست في ازمة، ليست في مازق، غير معزولة، كما يتهيأ للبعض، لكنها تعمق ازمة اعدائها وخصومها، تعزلهم، تحاصرهم، وتجعل مازقهم غير مسبوق، تابعوا وتحسسوا مستويات القلق والتوتر والتخبط في البيت الابيض وملحقاته، ستجدون الحقيقة وسيكون متاحا رؤيتها من زوايا اخرى.
علي نصر الله - دمشق 20 ايار 2019
تعليقك